كيف غيّر “كوفيد-19” عادات الادخار والاستثمار في العالم؟ | ريادة


مع بدء الاقتصاد الأميركي في التعافي وإعادة الانفتاح، يسعى العديد من المستهلكين لاستعادة قاعدتهم المالية، التي فقدوها خلال جائحة “كوفيد-19″، حيث فقد ملايين الأشخاص وظائفهم، واضطرت الشركات الصغيرة إلى الإغلاق، تزامنًا مع تراكم تكاليف المعيشة اليومية.

وتقول الكاتبة “كاثرين تيمكيو”، في التقرير الذي نشره موقع “إنفيستوبيديا” (investopedia)، إن بعض الأخبار الجيدة تلوح في الأفق، حيث يتعافى الاقتصاد الأميركي ببطء مع تراجع معدلات الإصابة بـ”كوفيد-19″، وفتح الشركات أبوابها مما رفع نسبة التوظيف، وهو ما أدى إلى تخفيف الضغط المالي الذي يشعر به الكثيرون.

ففي مارس/آذار 2021، ارتفع معدل الادخار الشخصي إلى 26.6%، حيث يشير هذا الرقم إلى تباطؤ قصير الأجل في إنفاق المستهلكين، وقد سبق أن ارتفع هذا المعدل في أبريل/نيسان 2020 بنسبة 33%، ورغم انخفاضه خلال الأشهر الـ12 الماضية، فقد ظل أعلى من 12%، مقارنة بمستويات ما قبل الوباء التي كانت أقل من 10%.

وأوضحت الكاتبة أن زيادة المدخرات لا تعني بالضرورة امتلاك الكثير من النقود، حيث أشار رايان ديتريك، نائب الرئيس وإستراتيجي السوق في شركة “كورنر ستون ويلث مانجمنت” (Corner Stone Wealth Management) إلى أن إنفاق المدخرات الشخصية هو أمر نسبي تمامًا نظرًا لتضرر بعض الصناعات أكثر من غيرها.

وبالنسبة لأولئك الذين لم يُحدث الوباء اضطرابًا كبيرًا في حياتهم، قد يكون من الجيد الآن تقييم أي ديون مستحقة وسداد بعضها، أما بالنسبة لأولئك الذين يغطون نفقاتهم بصعوبة، فإن تقديم المشورة لهم أصبح أمرًا معقدًا.

الضربة المالية لـ”كوفيد-19″

وأشارت الكاتبة إلى أنه في ظل التوقعات الواعدة على المدى الطويل، فإن المدى القريب يبقى غير مستقر، حيث أكد نصف الأميركيين في استطلاع حديث أجراه موقع “ذا بالنس” (The Balance) أنهم لا يدخرون سوى 250 دولارًا كل شهر بعد النفقات، في حين قال حوالي 12% منهم إن لا يدخرون أي مال على الإطلاق، وقال 29% إن ديون بطاقاتهم الائتمانية قد زادت خلال فترة الوباء، كما أن 53% من الأميركيين قد تأثروا ماليًّا بالوباء.

ويقدم استطلاع آخر أجرته مجموعة “تي رو برايس” (T Row Price) صورة أكثر كآبة للوضع، حيث أورد أن الرفاهية المالية لحوالي 70% من المشاركين قد تأثرت سلبًا بـ”كوفيد-19″، وقد كانت الأسباب الرئيسية لذلك هي تسريح العمال، وخفض ساعات العمل والرواتب، وانخفاض الدخل بشكل عام، فيما قال 71% إنه كان لديهم صندوق كافٍ للطوارئ قبل الوباء، ولكن في الوقت الحالي، قال 42% إنهم بحاجة إلى تجديده، بينما قال 44% إنهم بحاجة إلى زيادة حجمه.

ونقلت الكاتبة عن مايكل ريسنيك، كبير مستشاري إدارة الثروات في “جي سي جي فايننشال” (GCG Financial)، قلقه من الإنفاق الزائد الذي سيقوم به الأشخاص لتعويض ما فاتهم أثناء موجة الادخار في العام الماضي، حيث أكد المسح الأخير أن ربع الأميركيين يستعد للإنفاق بتهور، في حين يريد 47% فقط العودة إلى حياتهم الطبيعية والإنفاق بنفس الطريقة المُتبعة قبل الوباء.

وبحسب برايان أوليري، مستشار الثروة وكبير المحللين في “ألين ويلث” (Aline Wealth)، فإن رغبة الإنفاق يجب أن تستند على خطة مالية قوية تعتمد على وجود مخزون، وقد أظهر مسح حديث لشركة “ماكنزي” (Mackenzie) أن أكثر من 50% من الأميركيين يخططون للتفاخر بالإنفاق هذه السنة، في حين ينتظر النصف الآخر انتهاء الوباء قبل الإنفاق بتهور.

الإنفاق يعود مرة أخرى

وقد أظهر الاستطلاع أن 64% من الأميركيين وصفوا أنفسهم بالمُدخرين في سنة 2020، في حين خطط 80% لمواصلة الادخار أكثر من الإنفاق في سنة 2021.

ووفقًا لمسح “ماكنزي”، يتوقع 86% ممن تم تطعيمهم أن تعود أوضاعهم المالية إلى طبيعتها بحلول نهاية العام (52% من المشاركين) أو أنها قد عادت بالفعل إلى طبيعتها (34%).

ولفتت الكاتبة إلى أنه رغم أن هذه الأرقام تُعد أخبارًا جيدة للاقتصاد، فإن هذا لا يعني أنه يجب على المستهلكين الإنفاق دون حرص، حيث أشار ريسنيك إلى ما أثبته العام الماضي من أهمية التفكير على المدى الطويل وجعل الإنفاق أقل من الدخل مع الاحتفاظ بصندوق طوارئ.

ويؤكد ديتريك أيضًا، أهمية استمرار القاعدة العامة القديمة التي تهدف إلى ادخار ما يكفي لنفقات 6 إلى 12 شهرًا في حالة فقدان الوظيفة، ولكن الوباء ربما جعل الكثيرين يعيدون تقييم هذا المخزون، حيث قال حوالي ثلث الذين شملهم مسح موقع “ذا بالنس” إنهم يدخرون الآن أكثر مما كان يفعلون قبل الوباء.

نصائح للذين يدبرون أمرهم بصعوبة

وأفادت الكاتبة بأن أولئك الذين تشهد حياتهم أوضاعًا غير مستقرة من الناحية المالية يحتاجون إلى مزيد من الحذر، وسيكون من المهم الاستعداد لأي التزامات ديون ومن بين الأشياء التي يجب مراعاتها ما يلي:

ما احتمالات عائدات دخلك؟

إذا كانت الإجابة “سيئة”، فقد تضطر إلى التفكير في تغيير وظيفتك، مما يؤدي إلى مجموعة خاصة من التحديات والضغوط.

وإذا كنت لا تستطيع تحسين دخلك، فانظر إلى نفقاتك، هل هناك مجال للتفاوض على خطط الدفع أو تخفيضها؟

وأوضح أوليري أن هناك مجموعة من الإجراءات التي يمكن اتخاذها، ورغم صعوبة الخيارات التي سيواجهها بعض الأشخاص، فإنها تبقى أفضل من عدم وجود خيارات على الإطلاق.

واختتمت الكاتبة التقرير بقولها إنه مع استعادة الاقتصاد لتوازنه، فإن التفكير في المستقبل وتحديد أهداف يمكن التحكم فيها على المدى القصير والطويل يعد أمرًا في غاية الأهمية، ومن بين الأشياء التي يمكنك القيام بها في هذا الصدد:

  • تحدث إلى أصدقائك واكتشف ماذا يفعلون في ظروف مماثلة.
  • تواصل مع مستشار مالي.
  • الأهم من ذلك: تأنّ في خطواتك.

علي العمري

محرر وكاتب أخبار في صحيفة "موقعي نت"

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى